انتقل إلى المحتوى

الأراضي الأوروبية المطوقة في شمال إفريقيا قبل 1830

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

الأراضي الأوروبية المُطوقة في شمال أفريقيا (أو بعبارة أدق: أراضي شبه مُطوقة) هي مُدن وتحصينات ومحطات تجارية كانت تقع على طول ساحل البحر المتوسط والساحل الأطلسي في منطقة شمال غرب أفريقيا (تُعرف أيضًا بالمغرب العربي)، وكانت تابعة لعدة دول أوروبية في الوقت الذي عجزت فيه عن غزو المدن الداخلية عسكريًا (أي قبل احتلال فرنسا للجزائر في عام 1830). ومن أقدم تلك المدن هي تلك التي أسستها جمهوريات البحرية الإيطالية في القرن الحادي عشر. كانت إسبانيا والبرتغال القوى الأوروبية الرئيسية المشاركة في استعمار سواحل شمال أفريقيا، فضلًا عن فرنسا وبريطانيا التي شاركت في ذلك لفترة وجيزة. أُخليت معظم تلك المدن بحلول نهاية القرن الثامن عشر، وفي الوقت الحاضر لم يتبقى أي أثر من تلك الحقبة سوى بضعة أراضي إسبانية: سبتة، ومليلية، وبلاثاس دي سوبيرانا.

المستعمرات الإيطالية والصقلية

[عدل]

انبثقت عدة مستعمرات تجارية صغيرة في شمال أفريقيا قرابة عام 1000 تابعة لدوقية أمالفي وجمهورية بيزا. وفي عام 1133 عقدت بيزا معاهدة تجارية مع الدولة المرابطية في المغرب كما فعلت جنوا بعدها بخمسة أعوام.[1] ومع ضعف سيطرة المرابطين على المنطقة، اشتدت سطوة الجمهوريات البحرية حتى حاولت بيزا أن تستولي على جزر البليار في عام 1114.[2] وفي عام 1134، أي بعد عام من توقيع جنوا اتفاقية تجارية مع مدينة بجاية، هاجمت جنوا بجاية قبل أن ترسل أسطولًا بحريًا للاستيلاء على عنابة مع بيزا في عام 1136. وغزت بيزا وحدها طبرقة في عام 1140.[1] كانت تلك الحملات الإيطالية تهدف في المقام الأول إلى السيطرة على حركة تجارة الشعب المرجانية. عُثر على عدة سجلات تُفيد بأن الجزء الساحلي من مدينة القالة[3] الحالية كانت تحت سيطرة جمهورية بيزا[4] ولاحقًا جمهورية جنوا.[5]

أدى مجيء النورمان إلى إيطاليا إلى غزو صقلية وتنصيرها في عام 1091.[6] وسع روجر الثاني الصقلي مملكته لتشمل جربة في عام 1135.[7] وتبع ذلك استيلاء النورمان على عدة مدن تونسية ساحلية، ما مهد إلى إنشاء ما يُعرف بمملكة أفريقيا النورمانية التي لم تدم طويلًا.[8]

انتهت سيطرة النورمان على ساحل شمال أفريقيا عقب إخلاء المهدية في عام 1160. وفي عام 1284 غزا فريدريك الثالث، حاكم صقلية الأراغوني الجديد، مدينة الجربة مجددًا واحتفظ بها حتى عام 1333.[9][10] استولى مانفريدي كيارامونتي على تلك المدينة لصالح صقلية وأصبح سيدها، واستولى كذلك على جزر قرقنة.[11] هجرت الحامية الصقلية تلك الجزر في عام 1392، أي بعد عام من وفاة كيارامونتي.[12]

لم يتبقى من المستعمرات الإيطالية بعد ذلك سوى مستعمرات جنوا مثل جيجل في الجزائر وطبرقة في تونس التي احتلتها إيطاليا في الفترة 1540–1742.[13]

المستعمرات البرتغالية

[عدل]

يعود تاريخ الاستعمار البرتغالي في شمال أفريقيا إلى عهد الملك جواو الأول الذي قاد حملة غزو سبتة في عام 1415،[14] واستمر حتى رحيل البرتغاليين من الجديدة في المغرب عام 1769. عُرفت تلك الأراضي البرتغالية المطوقة على الساحل المُطل على المحيط الأطلسي بـ«الغرب البربري»[15] أو «الغرب في الجهة المقابلة».[16]

كان البابا مارتن الخامس يرى أن الاستيلاء على سبتة جزء من الحملة الصليبية البرتغالية.[17] ورغم ذلك لم تثمر تلك المدينة عن أي منفعة اقتصادية للبرتغال، إذ أن حركة التجارة انتقلت إلى مدن أخرى في ذات المنطقة.[18] ولذلك حاول الملك دوارتي الأول أن يستولي على طنجة في عام 1437، لكنه لم ينجح في ذلك.[19] لم تتمكن البرتغال من توسعة رقعتها حتى عهد ألفونسو الخامس الذي تمكن من غزو القصر الصغير في عام 1458،[16] وأصيلة في عام 1471. تمكن ألفونسو كذلك من غزو طنجة لكنه لم ينجح في السيطرة عليها. اشتهر ألفونسو في البرتغال بلقب «الأفريقي» اعترافًا بفتوحاته، وأصبح أول حاكم برتغالي يحمل لقب «ملك البرتغال والغرب وما وراء البحار في أفريقيا».[20] وفي عام 1486 غزا خليفته جواو الثاني مدينة الجديدة (مازيغن)[21] وحصنها في ذات الوقت الذي واصل فيه البرتغاليون زحفهم جنوبًا نحو غينيا. وبعدها بعامين قبل جواو استسلام حاكم مدينة آسفي.[22][23]

مراجع

[عدل]
  1. ^ ا ب William Chester Jordan؛ Bruce McNab؛ Teofilo F. Ruiz (8 مارس 2015). Order and Innovation in the Middle Ages: Essays in Honor of Joseph R. Strayer. Princeton University Press. ص. 145–. ISBN:978-1-4008-6967-1. مؤرشف من الأصل في 2020-10-27.
  2. ^ Silvia Orvietani Busch (2001), Medieval Mediterranean Ports: The Catalan and Tuscan Coasts, 1100 to 1235 (BRILL, (ردمك 90-04-12069-6)), pp.207–211
  3. ^ Gourdin، Philippe (1986). "Émigrer au XVe siècle : la communauté ligure des pêcheurs de corail de Marsacares. I. Étude de la population et des modalités de départ". www.persee.fr. Mélanges de l'école française de Rome. مؤرشف من الأصل في 2020-10-27. اطلع عليه بتاريخ 2018-04-15.
  4. ^ C. Mileto؛ F. Vegas؛ L. García Soriano؛ V. Cristini (11 سبتمبر 2014). Vernacular Architecture: Towards a Sustainable Future. CRC Press. ص. 387–. ISBN:978-1-315-73690-7. مؤرشف من الأصل في 2020-10-27.
  5. ^ Giovanna Petti Balbi (2007). Governare la città: pratiche sociali e linguaggi politici a Genova in età medievale. Firenze University Press. ص. 205–. ISBN:978-88-8453-604-4. مؤرشف من الأصل في 2020-10-27.
  6. ^ Jeremy Johns (7 أكتوبر 2002). Arabic Administration in Norman Sicily: The Royal Diwan. Cambridge University Press. ص. 31. ISBN:9781139440196. مؤرشف من الأصل في 2020-10-02.
  7. ^ Joshua C. Birk (11 يناير 2017). Norman Kings of Sicily and the Rise of the Anti-Islamic Critique: Baptized Sultans. Springer. ص. 143–. ISBN:978-3-319-47042-9. مؤرشف من الأصل في 2020-10-27.
  8. ^ Dalli، Charles (2008). Bridging the gaps: sources, methodology and approaches to religion in History / edited by Joaquim Carvalho, Pisa 2008. Pisa: Pisa University Press. ص. 77–93. ISBN:978-88-8492-554-1. مؤرشف من الأصل في 2020-10-29.
  9. ^ Maribel Fierro (4 نوفمبر 2010). The New Cambridge History of Islam: Volume 2, The Western Islamic World, Eleventh to Eighteenth Centuries. Cambridge University Press. ص. 187. ISBN:978-1-316-18433-2. مؤرشف من الأصل في 2020-10-27.
  10. ^ Daniel Jacobs؛ Peter Morris (2001). The Rough Guide to Tunisia. Rough Guides. ص. 225. ISBN:978-1-85828-748-5. مؤرشف من الأصل في 2020-08-07.
  11. ^ Georges Jehel (2001). L'Italie et le Maghreb au Moyen Age.: Conflits et échanges du VIIème au XVème siècle. Presses Universitaires de France – PUF. ISBN:978-2-13-052263-8. مؤرشف من الأصل في 2020-10-27.
  12. ^ Ernest Mercier (1888). Histoire de l'Afrique septentrionale (Berbérie) depuis les temps les plus reculés jusqu'a la conquête français (1830). Leroux. مؤرشف من الأصل في 2020-10-27.
  13. ^ Teofilo F. Ruiz (2 أكتوبر 2017). The Western Mediterranean and the World: 400 CE to the Present. John Wiley & Sons. ص. 269–. ISBN:978-1-4051-8817-3. مؤرشف من الأصل في 2020-10-27.
  14. ^ Bailey Wallys Diffie (1977). Foundations of the Portuguese Empire, 1415–1580. U of Minnesota Press. ص. 55. ISBN:978-0-8166-0782-2. مؤرشف من الأصل في 2020-06-17.
  15. ^ Iglesias Rodríguez 2013، صفحة 21.
  16. ^ ا ب Coates 2001، صفحة 57.
  17. ^ Pius Onyemechi Adiele (2017). The Popes, the Catholic Church and the Transatlantic Enslavement of Black Africans 1418–1839. Georg Olms Verlag AG. ص. 265. ISBN:978-3-487-42216-9. مؤرشف من الأصل في 2020-10-27.
  18. ^ James Maxwell Anderson (2000). The History of Portugal. Greenwood Publishing Group. ص. 42–44. ISBN:978-0-313-31106-2. مؤرشف من الأصل في 2020-08-20.
  19. ^ Elbl 2013, p. 10
    Coates 2001, p. 57.
  20. ^ a history of portugal. CUP Archive. 1662. ص. 205. GGKEY:XWSD821GE8S. مؤرشف من الأصل في 2020-07-26.
  21. ^ Jorge Nascimento Rodrigues؛ Tessaleno C. Devezas (1 ديسمبر 2007). Pioneers of Globalization: Why the Portuguese Surprised the World. Centro Atlantico. ص. 229. ISBN:978-989-615-056-3. مؤرشف من الأصل في 2018-04-13.
  22. ^ Weston F. Cook (1994). The Hundred Years War for Morocco: Gunpowder and the Military Revolution in the Early Modern Muslim World. Westview Press. ISBN:978-0-8133-1435-8. مؤرشف من الأصل في 2020-10-27.
  23. ^ a history of portugal. CUP Archive. 1662. ص. 205–. GGKEY:XWSD821GE8S. مؤرشف من الأصل في 2020-07-26.